من بلاغة القرآن في استخدام جموع القلة والكثرة
من بلاغة القرآن في استخدام جموع القلة والكثرة
من بلاغة القرآن في استخدام جموع القلة والكثرة
الجمعُ في اللغة العربية نوعان : جمع سالم وجمع تكسير ، وجمع التكسير هو ما دل على أكثر من اثنين بتغييرٍ ظاهر كرجل ورجال ، أو مُقَدَّرٍ كفُلْك للمفرد والجمع ، وهذا التغيير الذي يطرأ على المفرد قد يكون في الصورالآتية
§ ضبط بعض الحروف مثل : أَسَد ( المفرد ) و أُسْد ( جمع التكسير )
§ زيادة بعض الأحرف مثل : أسد ( المفرد ) وآساد ( جمع التكسير )
§ زيادة بعض الأحرف وتغيير في الضبط مثل : رَجُل ورِجال
§ تغيير الضبط مع نقص بعض الأحرف مثل : كِتاب وكُتُب
وجمع التكسير على قسمين :
جمع قلة : يدل على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة
جمع كثرة : يدل على ما فوق العشرة
وقد يُستعمل كل منهما في موضع الآخر مجازا
وجموع القلة جمعها ابن مالك في قوله :
أَفْعِلـة أَفْعـُل ثمَّ فِعْلَـة ثَمَّت أفعـال جُمـوعُ قلـه
1- أَفْعِلة مثل : أسلحة ، أغذية ، أدوية ، أبنية
2- أَفْعُل مثل : أرجُل ، أعيُن ، ألسن ، أفلُس
3- فِعْلَة مثل : فِتْيَة ، صِبيَة ، وِلْدَة
4- أفعال مثل : أبطال ، أفراس ، أنهار ، أسياف
والقرآن الكريم قد استعمل هذه الجموع في أسلوب بلاغي معجز ، يفجر طاقات اللغة العربية الجميلة ، ومن ذلك استعماله لجمع " نعمة " فقد استعمل جمع الكثرة " نِعَم " في موضع ، ثم عدل عنه إلى جمع القلة " أَنْعُم " في موضع آخر .
فقد جاء في سورة النحل قوله تعالى
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * [120-121]
وجاء في سورة لقمان قوله تعالى :
أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ*
[20]
يبين الدكتور فاضل السامِرّائي وجه البلاغة المعجز في الآيتين فيقول : " فجمع النعمة في آية النحل جمع قلة ( أنعُم ) وجمعها في لقمان جمع كثرة ( نِعَمَه ) وذلك أن نعم الله لا تحصى ، فلا يطيق الإنسان شكرها جميعها ، ولكن قد يشكر قسماً منها ؛ ولذلك لمّا ذكر إبراهيم وأثنى عليه قال : إنه شاكر لأنعُمه ، ولم يقل : لنعَمِه ؛ لأن شكر النعم ليس في مقدور أحد ، بل إنَّ إحصاءها ليس في مقدور أحد فكيف بشكرها ؟ !
قال تعالى : وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * [ النحل 18]
أما الآية الثانية فهي في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس فقال :
وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة ، فذكرها بزنة جمع الكثرة .
تدريب : استخرج من البيت الآتي جمع القلّة واذكر المفرد منه :
أسبعةُ أطوادٍ ، أسبعةُ أبحرٍ أسبعةُ آسادٍ ،أسبعةُ أنجمِ
منقول