المنهج النقدي في كتاب الأدب و الغرابة لعبد الفتاح كليطو
المنهج النقدي في كتاب الأدب و الغرابة لعبد الفتاح كليطو
من خلال عنوان كتاب" الأدب والغرابة" لعبد الفتاح كيليطو نجد عنوانا فرعيا" دراسات بنيوية في الأدب العربي"، و هنا أفتح قوسا لأثبت بأني أعتمد هنا على طبعة دار الطليعة البيروتية التي نشرت الكتاب لأول مرة سنة1982م. ومدلول هذا التعيين الجنسي أن الباحث يطبق المنهج البنيوي في هذه الدراسات التي كانت في الأصل مقالات أعدت مابين 1975و 1980م.
وتتمظهر هذه المنهجية في توظيف مجموعة من الثنائيات المتقابلة: النص واللانص، البر والبحر، الجد والهزل.....، واستخلاص القواعد البنائية التي تتحكم في توليد النصوص والتركيز على المعطيات الشكلية والخطابية التي تؤطر النصوص، واعتماد نظرية الأدب وخاصة في قضية التجنيس والتصنيف وقراءة الوظيفة الأدبية ومقابلاتها في النصوص المخالفة كالنص النظمي أثناء دراسة الملحمة النحوية لدى الحريري في أرجوزته. وتتجسد أيضا في رفضه لنظرية المرآة في دراسة المبدع وأثره الإبداعي، واستعمال البنيوية السردية في استقراء القواعد السردية في النصوص الحكائية والأجناس الأدبية في الثقافة العربية الكلاسيكية، ودراسة المكونات السردية كالشخصية في المقامة والوظائف السردية والفضاء الشاعري الحكائي في قصة سندباد وتجنيس المقامة. ولا يكتفي الدارس بماهو سردي، بل يلتجئ إلى استخدام البنيوية الشعرية في المقابلة بين الشعر والنظم ، والأسلوبية في مدارسة المجاز والبلاغة والاستعارة والبحث عن الوظائف البنيوية التي تؤديها الصور البلاغية.
ولكن على الرغم من هذا، فإننا نجد هناك تلفيقا منهجيا وتعددا في المقاربات بسبب الخاصية المقالية التي جعلت الكتاب مجموعة من المقالات المتنوعة المتفرقة التي لها مواضيع مختلفة لا يجمعها إلا عنصر الغرابة. ومن هذه المناهج التي اعتمد عليها الدارس نستحضر إلى جانب البنيوية المنهج السيميائي أثناء حديثه عن قواعد السرد حيث يستشهد بالشكلاني الروسي فلاديمير بروب،ومنهجية التلقي والتقبل كما هي عند يوسYauss أثناء تمييزه بين القارئ الضمني والقارئ الحقيقي، والتمييز بين أنواع القراءة: القراءة العالمة والقراءة العادية، ودراسة أثر النص على المتلقي وخاصة في المبحث الذي خصصه لأرجوزة النحو للحريري. كما استعان بالطريقة التاريخية والبنيوية التكوينية أثناء حديثه عن تاريخ الشاعر ومكانته ووظيفته في الأدب العربي القديم مقيما تماثلا بين صيرورة مكانة الشاعر والتطور المرجعي الخارجي. ونجد للمقاربة الفلسفية حضورا عندما تحدث عن شعرية الفضاء مستلهما شعرية گاستون باشلار Gaston Bachelard في مبحث قصة السندباد، والأسلوبية أثناء دراسة الصور البلاغية.
إذا، يلاحظ أن هناك تعددا منهجيا يعبر عن تنوع ثقافة عبد الفتاح كليطو وتعدد مرجعياته الفكرية والتطبيقية. ومن بين هذه المرجعيات نذكر الشكلانية الروسية ورواد البنيوية والسميوطيقا ككلود بريموند وتودوروف ورولان بارت وگريماس وجيرار جنيت وريفاتيروباختين وفيليب هامون و جاكبسون وبرينسPrince... علاوة على المرجعية الفلسفية أثناء استشهاده بگاداميرGadamer وبول ريكور Ricoeur وفوكو Foucault وديريدا Derrida ومحمد أركون.. وتمثل نظرية التلقي كما عند يوسJauss صاحب نظرية جمالية التقبل، ورواد نظرية الأدب والأجناس كما عند تودوروف وفييتورViëtor وواتwatt.
وقد طرح الكاتب في كتابه مجموعة من المصطلحات والمفاهيم النقدية كالنص والأدب والوحدة العضوية وتاريخ الأدب ومفهوم الشاعر ومفهوم الفرد المبدع والجنس الأدبي ومفهوم البلاغة ومفهوم الأسلوب وطبيعة المتلقي ومفهوم المرآة وشعرية الفضاء ومفهوم السرد والمتتالية السردية ومفهوم الشخصية و مفهوم الوصف ومفهوم السرد وقواعده وتجنيس المقامة والحكاية والمنظومة النحوية ... وهذه المفاهيم حديثة التناول والدراسة ، وقد أحسن الكاتب في تبسيطها وشرحها وتوضيحها بطريقة إجرائية تطبيقية تعليمية وديداكتيكية على الرغم من كون بعض هذه المفاهيم قد تجاوزها النقد العربي المعاصر، ومن هنا لابد من ضرورة موقعة هذه المقالات في سياقها التاريخي، وبالضبط في السجال الثقافي والمنهجي في فترة السبعينيات من القرن الماضي.
منقووول من موقع ديوان العرب