تحليل كتاب الأدب و الغرابة لعبد الفتاح كيليطو - القسم الأول
تحليل كتاب الأدب و الغرابة لعبد الفتاح كيليطو - القسم الأول
المصطفى فرحات
1. النص الأدبي
ينطلق الكاتب من فكرة مؤداها: أن الدراسات الأدبية لا تهتم كثيرا بتعريف الأدب لأنها تفترض أن طبيعة الأدب معروفة ولا حاجة إلى أن نعرفها، وانطلاقا من هذه الفكرة يسعى إلى مقاربة النص الأدبي ومفهوم الأدب.
أولا النص الأدبي:
استعرض الكاتب المعايير والمقاييس التي تعتمدها الثقافة في تحديد خصائص النص الأدبي وهي:
* يخشى عليه من الضياع، لهذا يدون.
* يحرص على تدوينه وتعليمه.
* يستشهد به وينسج على منواله.
* يكون عادة غامضا وعسيرا على الفهم فلا بد من مفسر أو مؤول يشرحه.
* يعلم ويلقن عن طريق التكرار والاجترار.
* ينسب إلى مؤلف معترف بقيمته، ويسمى المؤلف الحجة.
وليكون المؤلف حجة لا بد أن تتحقق فيه الشروط التالية:
- أن تنسى طفولته.
- يبدأ الاهتمام بطفولته لحظة التقاءه بشيوخه.
- أن يجاز من قبل مشايخ معروفين. ويصبح أحد الأعمدة التي ترتكز عليها الثقافة.
- يستبدل اسمه الحقيقي باسم آخر.
- المؤلف الحجة هو من يمنح النص قيمته الحقيقية.
ثانيا: مفهوم الأدب:
تحدث عن مفهوم الأدب من خلال منظورين:
1. مفهوم الأدب في الثقافة العربية الكلاسيكية: الأدب هو التحلي بالأخلاق الفاضلة. وتتمثل أنواعه/أجناسه في: الحكمة – الموعظة – خطبة الجمعة – المثل (كل ما يدخل في الأمر والنهي).
2. مفهوم الأدب في الثقافة الغربية: يعني la littérature ظهرت هذه الكلمة "الأدب" في القرن الثامن عشر مع تبلور الرومانسية الألمانية. وتشمل: الرسالة – المذكرات – السيرة الذاتية – الحوار المسرحي – الشعر – الرواية..
استنتاج
* التعريف الذي يبحث عنه الكاتب غير موجود حتى في البنيوية..
* يشير إلى وجود عدة تعريفات وإن كانت لا تشمل إلا قسما من الأدب وأذكر تعريفين:
الأول: النص الأدبي هو إحالة على عالم الأشياء والشخصيات والأحداث الخيالية.
الثاني: النص الأدبي يتميز بتقييم الإمكانيات اللغوية بحيث تطغى الوظيفة الشعرية على بقية الوظائف الأخرى للغة.
خلاصة
الأدب فشل في تحديد موضوعه الخاص به لأن يدرس الأدب بمعزل عن الخطابات الأخرى.
ثانيا: تصنيف الأنواع
1. مفهوم النوع: يتكون النوع عندما تشترك مجموعة من النصوص في إبراز العناصر نفسها.
2. عناصر النوع: العناصر نوعان:
2/أ- عناصر أساسية.
2/ب- عناصر ثانوية.
إذا لم يحترم النوع العناصر الأساسية يخرج من دائرة النوع. أما إذا لم يحترم العناصر الثانوية فهو يبقى في إطار النوع ولا يتضرر.
3. أنواع الكلام: صنف القدماء الكلام إلى نوعين:
التصنيف الأول:
3/أ- النثر: وهو نوع يشتت ويفتت.
3/ب- الشعر (النظم) يجمع ويربط. إذا فالشعر أفضل من النثر.
التصنيف الثاني:
3/أ- جاد: كلام يتضمن حكمة أوعبرة.
3/ب- هازل أو سخيف: الحكايات الموضوعة على ألسنة الحيوانات.
4. تصنيف الكاتب للخطاب:
صنفه إلى أربعة أنواع:
4/أ- المتكلم يتحدث باسمه: الرسائل والخطب.
4/ب- المتكلم يروي لغيره: الحديث ـ كتب الأخبار.
4/ج- المتكلم ينسب كلاما لغيره: (لم يقدم نموذجا).
4/ج- المتكلم ينسب لغيره كلاما هو من كتبه. (لم يقدم نموذجا).
5. تصنيف آخر للخطاب:
اختزل هذه الأنماط في صنفين:
5/أ- الخطاب الشخصي.
5/ب- الخطاب المروي.
والخطاب المروي هو نوعان:
* بدون نسبة.
* بنسبة.
والنسبة ثلاثة أنواع:
صحيحة وزائفة وخيالية. وقدم المقامات نموذجا للخطابات المروية بنسبة خيالية.
ثالثا: قواعد السرد
1. مفهوم القاعدة:
القاعدة هي بمثابة قانون ملزم يجب الخضوع له.
2. خصوصية القواعد:
يعرفها كل من الكاتب والمتلقي بشكل مبهم وغير واضح.
3. محاولات اولى لتعريف قواعد السرد:
تلمسها الكاتب عند أفلاطون ـ هنري جيمس ـ الحريري ـ بن الخشاب.
4- قواعد السرد عند البنيويين:
القاعدة الأولى:
تعلق السابق وتحكم اللاحق بالسابق. فالنهاية تتحكم في كل ما يسبقها وحرية القائم بالسرد لا تتجلى إلا في اختيار النهاية.
يمكن قراءة الحكاية السردية بطريقتين:
الأولى: قراءة عادية تورط القارئ في السرد ويلهث وراء النهاية.
الثانية: قراءة عالمة يتحكم فيها القارئ لأنه يعرف النهاية.
القاعدة الثانية:
ارتباط تسلسل الأحداث بنوع الحكاية. فلكل نوع من الأحداث طريقتها في سرد الأحداث: الحكايات الشعبية ـ المقامات ـ الرواية البوليسية...
القاعدة الثالثة:
أفق احتمال القارئ أو العرف. لكل نوع من السرد عوفه النوعي الخاص الذي ينتظره القارئ.
خلاصة:
المجال الذي اهتمت به البنيوية في السرد: اهتمت البنيوية ببعض الأنواع السردية التي تعمل فيها القواعد بشكل آلي في الوقت الذي ظهرت فيه الرواية الجديدة لتشوش على هذه القواعد..
رابعا: دراسة الأدب الكلاسيكي
ملاحظات منهجية.
تقديم
ينطلق من سؤال مركزي يتعلق بطبيعة العلاقة التي تربط بين القارئ المعاصر بالأدب الكلاسيكي العربي. وارتأى أن فهم هذا الأدب يقتضي تحديد بعض المفاهيم السائدة آنذاك في هذا الأدب. وخص بالتحديد ثلاثة مفاهيم: 1. مفهوم الفرد المبدع 2. مفهوم التعبير 3. مفهوم تلاحم أجزاء النص.
أولا: مفهوم الفرد المبدع
الباحثون في مجال الأدب العربي لا يهتمون إلا بالأدباء الذين يوصفون بالقمم. أي النماذج الرفيعة..ولكن ـ يرى الكاتب ـ أن هؤلاء الباحثين لا يفصحون عن الأسباب التي جعلتهم يعتبرونهم قمما..
ثانيا: مفهوم التعبير
يلزم الباحثون الأديب الكلاسيكي أن يكون مرآة عصره، وينتظر من أدبه أن يعكس الواقع الذي عاش فيه الكاتب. وعندما يعجز عن إيجاد هذه العلاقات فهو لا يردها للأديب وإنما للبلاغة..
ثالثا: مفهوم تلاحم أجزاء النص
1. يفترض منهجيا أن لكل نص وحدة بين أجزاءه. وإذا عجز الباحثون هن إيجادها يسقطون ما هو حديث عما هو قديم.
2. معرفة اللغة العربية لا يكفي لفهم النصوص وإنما نحتاج لشيء آخر. ما هو هذا الشيء؟
3. ليجيب عن السؤال انطلق الكاتب من خطاطة ياكبسون التي ترى بأن عملية التواصل تتحكم فيها أربعة عناصر:
المتكلم الخطاب المخاطب
النسق
ما يلاحظه الكاتب هو غياب اهتمام الدارسين للأدب العربي بالمخاطَب. وبالتالي إهمال النسق. والنسق هو نظام يضم مجموعة من العناصر ومنها تتشكل وحدته.
4. على الباحث أن يبرز العناصر الأربعة (خطاطة جاكبسون) بما فيه المخَاطَب، فهو من يعطيه ديناميكية وحيوية. ومعها يتجدد النص الأدبي. كما على المخاطب أن ينصت لأسئلة النص الأدبي لتكون علاقة التواصل مثمرة.
خامسا: تاريخ الشاعر
تقديم
تتبع الكاتب تاريخ الشاعر في علاقته مع شعره ومحيطه ووظيفته وردود أفعاله إبان المرحلة الكلاسيكية: العصر الجاهلي وصدر الإسلام والأموي والعباسي.
العصر الجاهلي
لم يكن الشاعر في حاجة إلى تعليل شعره او معرفة وظيفته في مجتمعه ولا داعي لطرحه فشعره يظهر في أفعاله:
- هو رئيس القبيلة وكاهنها ومندمج في قبيلته
- كان يعتقد أن لكل شاعر شيطانه الذي يوحي له بالشعر. (الشيطان هو المجتمع من وجهة نظر الكاتب).
- القبيلة التي ينبغ فيها الشاعر تقيم الحفلات احتفاء به.
- القبائل تقدم الهدايا والتهاني للقبيلة التي نبغ فيها الشاعر .
صدر الإسلام
- لم يطرأ أي تغيير في وظيفة الشاعر. تم استبدال الانتماء القبلي بالانتماء الديني والحزبي.
- لا يمكن الاستغناء على الشاعر.
العصر الأموي والعباسي (نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث)
* عوامل التحول وظهور صورة جديدة للشاعر:
- تكوين جيش نظامي من غير العرب (الموالي).
- التنظيم الإداري والتركيز على الكاتب. (منافسة الكاتب للشاعر)
- ظهور الوعاظ والدعاة.
- تطور علوم الفقه والفلسفة والحديث.
* وظيفة الشاعر
- تردد الشاعر على أبواب الأمراء (التكسب بالشعر)
- تجريد الشاعر من المهابة.
- تشبيه الشاعر بالمكدي والصبي والمجنون. ولا يجوز محاسبته.
* رد فعل الشاعر
- التعقيد في الشعر والتعمية.
- الإغراب في الكلام.
* موقف النقاد من شعراء المحدثين
- يقدمون القدماء ويفضلون طريقتهم في الشعر (التزامهم بعمود الشعر).
- الشعراء المحدثين غير مسؤولين ولا يسمح لهم بتسيير شؤون المدينة. (طردوا من المدينة كما فعل بهم أفلاطون في مدينته الفاضلة).