للسنة الأولى باكالوريا - التشبيه الضمني
للسنة الأولى باكالوريا - التشبيه الضمني
الأساليب:
======
أ) قال أبو فراس الحمداني يفتخر:
سيذْكرني قومي إذا جَدَّ جِدُّهم وفي الليلة الظلماءِ يُفْتَقدُ البدرُ
ب) قال المتنبي:
منْ يهن يسهُلِ الهوانُ عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
ج) وقال ابن الرومي:
قد يشيب الفتى وليسَ عجيباً أن يُرى النُّور في القَضيب الرطيبِ
المناقشة:
ماذا فهمت من قول أبي فراس؟ لعلك فهمت أنه يفخر بمقامه في قومه, و أنهم يلجؤون إليه إذا ما استبد بهم الأمر, و حلَّ بهم الكرب, ويقول إنَّ هذا ليس بعجيب لأن الناس يبحثون عن البدر, و يطلبونه عند غيابه في الليلة الظلماء.
ألم تحسَّ في هذا التعبير بتشبيه أراده الشاعر, إلا أنه لم يصرح به؟
لعلك أدركت أنّ التشبيه مفهوم من مضمون الكلام, ما الدليل على ذلك؟ الدليل على ذلك هو أن أبا فراس يشبه حاله بين قومه, و قيمته فيهم, بحال البدر, وقيمته في الليلة الظلماء.
تحول - بعد هذا - إلى بيت المتنبي, هل أدركت معناه؟ إنه يرى أنَّ الذي يَقبل المذلَّة والصَّغار, يتعود بعد ذلك تَحمُّلَ أنواع الذُّل, ولا يُحسُّ بغضاضة, بل إنه يستسهل ذلك ولا يتألم منه.
كيف برهن على صدق ذلك؟ لقد برهن على صدق ذلك بكون الميت إذا جُرِحَ, فإنه لا يُحسُ ولا يتألم, ألستَ تجٍدُ في هذا التعبير تشبيها لم يصرّح به المتنبي؟ نقول: بلى, إنَّ الكلام قد تضَّمن تشبيها لم يصرح به الشاعر, ولكنه قصده.
وماذا أفاد بيت ابن الرومي؟ إنه أفاد أنّ الشّاب قد يشيب, ولم تتقدم به السِّن, ثم حاول إقناعنا بصدق هذه الفكرة, فضرب مثلا بالغصن الغضِّ الرطيب الذي قد يظهر فيه الزهرُ الأبيض, فلا عجب - إذن - أن يشيب الشاب.
فماذا تلمح في هذا التعبير؟ لاشك أنك لمحت تشبيها, ما دليل ذلك؟
دليل ذلك أنّ ابن الرومي لم يأت بتشبيه صريح, لأنه لم يقل: إنَّ الفتى وقد خالطه الشيب كالغصن الرطيب حين يُزهر, ولكننا أدركنا من خلال سياق الكلام أنه يريد أن يشبه الفتى وقد شاب, بالغصن الرطيب وقد اعتلاه الزهر الأبيض.
أمعن النظر مرة أخرى في الأبيات السابقة, ماذا تلاحظ؟ لا ريب أنك لاحظت تشبيها في كل منها, ولكنك لم تجده في صورة من الصور التي عرفتها.
فكيف يُسمى هذا التشبيه الذي يُلْمَحُ ضمن الكلام, وفي ثنايا التعبير؟ لعلك أدركت أنه يسمى : ( التشبيه الضمني ).
هل عرفت لما يسمى ضمنيا؟ سمي ضمنيا لأنه يُلْمَحُ ضمن الكلام, وداخله. ويدرك بالذكاء و الفهم.
الخلاصة:
======
1- التشبيه الضمني : تشبيه لا تذكر فيه أركانه بصورة من صور التشبيه المعروفة, وإنما تلمح من مضمون الكلام.
2- الغرض من التشبيه الضمني هو توضيح الفكرة, و التدليل على صدقها, وكون التشبيه فيه خفيا غير صريح, فيه دعوة إلى إعمال الفكر و حُبِّ الإطلاع.
=====================================
رجائي فقط دعوة صدق من الله بالنجاة يوم يجمع الناس ليوم لا ريب فيه