ابن سيرين - التاجر الأمين
ابن سيرين - التاجر الأمين
قصة الزيت وورع الأمين التابعي الجليل ابن سيرين
أراد الله تعالى أن يبتلي صدق ابن سيرين وصبره فابتلاه بمحنة.
وهذه المحنة كانت عجيبة وهو سببها وهي:
اشترى مرة زيتا بأربعين ألف درهم يدفعها مؤخرة في السنة ولما فتح وعاء من جلد كان فيه الزيت وجد فيه فأرا متفسخا ميتا والزيت تأثر به.
ففكر ابن سيرين وقال إن هذا الزيت كله كان في إناء واحد قبل أن يوضع في أوعية والفأر وقع فيه قبل أن يقسم ومعنى هذا أن الزيت قد تنجس كله بهذه الفأرة.
وهذا كله من خلال تفكيره وتحليله وقد تكون الفأرة قد سقطت في هذا الوعاء فقط.
ثم قال في نفسه إن رددت هذا الزيت للبائع فقد يبيعه لغيري والزيت متنجّس فيضر الناس وأنا لا أستطيع أن أبيعه فأخذ الزيت كله ورماه في مجرى المياه.
هنا خسر ابن سيرين الزيت وأصبح عليه دين ووقع في خسارة جسيمة جدا وحل عليه دين كبير.
طالب صاحب الدين بماله عندما حلّ الأجل فلم يستطع ابن سيرين أن يدفع فرفع الرجل أمره على الوالي وأمره الوالي أن يدفع فقال له ما أستطيع لأنني لا أملك المال الكافي فأمر أن يحبس حتى يسدد ما عليه.
ولما طال مكوثه في السجن أشفق عليه السجان لما رأى من عبادته وقال له يا شيخ إذا أمسى المساء فاذهب إلى أهلك وإذا أصبح الصباح فارجع إلى السجن حتى يفرج عنك.
فقال ابن سيرين لا والله لا أفعل حتى لا أعاونك على خيانة ولي الأمر وهذا أمر لا يسمح به ولي الأمر.
حضرت الوفاة أنس بن مالك رضي الله عنه وأوصى أن يغسله محمد بن سيرين ويصلي عليه وابن سيرين كان ما زال في سجنه ولما توفي جاء الناس إلى الوالي وأخبروه بوصية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه وطلبوا منه أن يخلي سبيل ابن سيرين حتى ينفذ وصية أنس رضي الله عنه.
فوافق الوالي وسمح له بالخروج فرفض ابن سيرين وقال لهم لا أخرج حتى تستأذنوا من صاحب الدين لأنني حبست لما له من الحق.
فخرج من سجنه وغسّل أنسا وصلى عليه ثم رجع إلى السجن ولم يذهب إلى أهله
من المواقف الرائعة في ورعه أن رجلا اشترى منه شيئا وادعى أنه أعطاه درهمين فقال ابن سيرين:
ما أعطيتني شيئا فقال الرجل بلى لقد أعطيتك فقال ابن سيرين ما أعطيتني قال الرجل أتحلف أنك لم تعطني فقال والله العظيم إنك لم تعطني شيئا.
فاستغرب الناس والتجار من حلفه لأجل درهمين وقالوا يا أبا بكر أتحلف من أجل درهمين وأنت بالأمس تركت أربعين ألف درهم من أجل شبهة.
فقال نعم أحلف على درهمين لأنني إذا لم أحلف أخذها وإذا أخذها فسيأخذ حراما وأنا لا أريده أن يأكل حراما.
انظروا كيف كان حريصا على غيره ليس على نفسه.
إن لله عـباد فـطـنـى طـلـقـوا الـدنيـا وخــافـوا الـفـتـنـا
نـظـروا فـيـها فـلـمـا عـلـمـوا أنـهـا ليست لحـي وطـنـاً
جعلوها لجة واتخذواواتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
منقووول