| موضوع: الحقوق السياسية و المدنية للأقليات الغير مسلمة في المجتمع الإسلامي الثلاثاء 17 فبراير - 20:56 | |
| الحقوق السياسية و المدنية للأقليات الغير مسلمة في المجتمع الإسلامي :
في ظلِّ التشريع الإسلامي حظيت الأقلِّيَّة غير المسلمة في المجتمع المسلم بما لم تحظَ به أقلِّيَّة أخرى في أي قانون وفي أي بلد آخر من حقوق وامتيازات؛ وذلك أن العَلاقة بين المجتمع المسلم والأقلِّيَّة غير المسلمة حكمتها القاعدة الربَّانيَّة التي في قوله تعالى : (( لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِين)) . و قد عرف الدكتور وائل علام هذه الأقلية بأنها : ( جماعة غير مسيطرة من مواطني الدولة ، أقل عددا من بقية السكان يرتبط أفرادها ببعضهم البعض عن طريق روابط عرقية أو دينية أو لغوية أو ثقافية ، تميزهم بجلاء عن بقية السكان ، ويتضامن أفراد هذه الجماعة فيما بينهم للحفاظ على هذه الخصائص و تنميتها ) و اصطلح على تسمية هذه الأقلية بأهل الذمة . و في هذه المقالة المباركة على منتديات الطريق نحو القمة سنتطرق إلى الحديث عن الحقوق السياسية و الحقوق المدنية ، و لنبدأ على بركة الله - الحقوق المدنية لأهل الذمة في المجتمع الإسلامي : 1 – حرية الإعتقاد و حق ممارسة الشعائر الدينية : لكل ذي دين دينه و مذهبه ، لا يجبر على تركه إلى غيره ، و لا يضغط عليه ليتحول منه إلى الإسلام ، قال الله : (( لا إكراه في الدين ))و قال عز و جل : (( أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) ، و قال جل في علاه : (( و قل الحق من ربكم فمن شاء فل يؤمن و من شاء فل يكفر )) ، فلا يحق أن يحاسب غير المسلمين على معتقداتهم ، و إنما الحساب على ذلك لله تعالى في الآخرة ، و في هذا الصدد يقول العلامة يوسف القرضاوي : ( ليس المسلم مكلفا أن يحاسب الكافرين على كفرهم ، أو يعاقب الضالين على ضلالهم ، فهذا ليس إليه ، و ليس موعدهم هذه الدنيا ، و إنما حسابهم على الله في يوم الحساب ، و جزائهم متروك إليه في يوم الدين ) ، و من الشواهد التاريخية نذكر : - عهد النبي – صلى الله عليه و سلم - إلى يهود المدينة الذي جاء فيه : " .. لليهود دينهم ، و للمسلمين دينهم ، مواليهم و أنفسهم ، إلا من ظلم أو أثم " . - خطبة أبي بكر – رضي الله عنه – لجيوشه لتحرير العراق و الشام ، حيث قال : " و سوف تمرون على أقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم و ما فرغو أنفسهم له " . - عهد عمر الفاروق لأهل القدس " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم و أموالهم و كنائسهم و صلبانهم ، و سقيمها و بريئها و سائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم و لا تهدم ، و لا ينتقص منها و لا من حيزها ، و لا من صليبهم ، و لا من شيء من أموالهم ، و لا يكرهون على دينهم ، و لا يضار أحد منهم " و غيرها من الشواهد كثير . 2 – حق الحماية على المستوى الداخلي و الخارجي : إن حق حماية الذميين في الدولة الإسلامية تشمل من كل عدوان خارجي ، و من كل ظلم داخلي ، حتى ينعموا بالأمان و الإستقرار ، إذ يجب لهم ما يجب للمسلمين ، فعلى ولي الأمر بما لديه من قوة عسكرية و سلطة تشريعية أن يحميهم من كل عدوان خارجي ، أو داخلي فلا يجوز لمسلم أن يمد يده أو لسانه إلى أهل الذمة بسبهم أو اتهامهم بالباطل أو يذكرهم بسوء أو بما يكرهون في نفسهم أو نسبهم أو خلقهم أو خلقهم . و قد قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : (( ألا من ظلم معاهدا ، أو انتقصه ، أو كلفه فوق طاقته ، أو أخد منه شيئا بغير طيب نفس ، فأنا حجيجه يوم القيامة )) 3 – حرية الطعام و الشراب : ولهم مايرونه حلالاً في شرعهم ، دون المجاهرة به ، كي لاتحدث الفتنـة ، كذلك من حقهم الزواج و الطلاق وفق دينهم و تقاليدهم . 4 – الحق في العمل و التجارة و الضمان الإجتماعي : ضمن الإسلام لغير المسلمين حق العمل و التجارة و جميع أنواع النشاط الإقتصادي ، بل من كان شيخا ضعيفا من أهل الذمة أو امرأة مات زوجها أو طفلا لا يجد من يكفله جعل لهم الإسلام راتبا من بيت المال يغنيهم عن السؤال . و من الشواهد التاريخية نذكر : في عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق و قد كانو نصارى " جعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل ، أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنيا ففتقر و صار أهل دينه يتصدقون عليه ، طرحت جزيته و عيل من بيت المسلمين هو و عياله " . و هكذا يتبين أن الضمان الإجتماعي في الإسلام يعتبر مبدأ شاملا يتمتع به جميع أفراد المجتع مسلمين و غير مسلمين وأقوى الأدلة ماجاء عن عمر رضي الله عنه (أنه مرّ بباب قوم عليه سائل يسأل ، شيخ كبير ، ضرير البصر ، فقال له : من أي أهل الكتاب أنت ؟ فقال : يهودي ، قال عمر : فما ألجأك إلى ما أرى ؟ قال : الجزية ، والحاجة ، والسن ، فأخذ عمر بيده ، وذهب به إلى منزله ، فرضخ له بشيء من المنزل ، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال : انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ، ثم نخذله عند الهرم ...) . 5 – حق امتلاك الأموال : فأموالهم معصومة ، وتحميها الدولة كما تحمي أموال المسلمين ، وفي الحديث (( من آذى ذمياً فأنا خصمه .... )) (( من آذى ذمياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله )) ، وحكم أموالهم لايختلف عن حكم أموال المسلمين ، لكن كلما امتلك أموالا أكثر كلما زادت الجزية أكثر . - الحقوق السياسية لأهل الذمة في المجتمع الإسلامي : 1 – حق العمل السياسي و الوظيفي : لأهل الذمة الحق في تولي وظائف الدولة كالمسلمين إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة و رئاسة الدولة و قيادة الجيش ، و القضاء بين المسلمين ، و الولاية على الصدقات و نحوها ... فالإمامة أو الخلافة رئاسة عامة في الدين و الدنيا ، خلافة عن النبي – صلى الله عليه و سلم – و لا يجوز أن يخلفه أحد غير مسلم ، و لا يعقل أن ينفذ أحكام الإسلام و يرعاها إلى مسلم . فقيادة الجيش ليس عملا مدنيا صرفا ، بل هي عبادة عظيمة إذ الجهاد في قمة العبادات في الإسلام . أما القضاء فهو حكم بالشريعة الإسلامية ، و لا يعقل من غير المسلم أن يحكم بشيئ لا يؤمن به ، و مثل ذلك الولاية على الصدقات و نحوها من الوظائف الحكومية . و ما عدا ذلك من الوظائف فيجوز تولي غير المسلمين بها إذا تحققت فيهم الشروط المطلوبة و هي الخبرة و الكفاية و الأمانة و الإخلاص للدولة ، لكن يفضل المسلم على الذمي إذا كانت له نفس الخبرة التي عند الذمي . 2 - حق إبداء الرأي وحرية والتفكير والاحتجاج والتظلم : وذلك ضمن قيود منها : احترام قوانين الدولة المسلمة ، واحترام الشعائر الإسلامية ، وعدم التبشير بدينهم بين أبناء المسلمين ، ولايجاهروا بالمنكرات الجائزة لهم حسب معتقدهم بين المسلمين كشرب الخمر وأكل الخنزير . أما و قد تحدثنا عن الحقوق فلابد و أن نذكر الواجبات – و لكن بإيجاز شديد– 1 – الواجبات المالية : و هي أداء الجزية و دفع الخراج و الضريبة التجارية ( العشور ) . 2 – الواجبات المعنوية : و منها : التزام أحكام الشريعة الإسلامية ، الدفاع عن دار الإسـلام ، الولاء السياسي للدولة المسلمة ، ترك مافيه ضرر على المسلمين وكيانهم . هذا و الله أعلم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم ، هذا و ما كان من توفيق فمن الله وحده و ما كان من خطأ و نسيان فمني و من الشيطان ، و الله و رسوله منه براء ، و الله المستعان .
المراجع : - المجتمع الإسلامي ... الثوابت و المتغيرات . - أهل الذمة في المجتمع الإسلامي الحقوق و الواجبات . - غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ليوسف القرضاوي . - الأقليات غير المسلمة في المجتمع الإسلامي - تأليف الأستاذ دنـدل جبـر .
|
|
| موضوع: رد: الحقوق السياسية و المدنية للأقليات الغير مسلمة في المجتمع الإسلامي الخميس 12 مارس - 18:46 | |
| موضوع رائع و شكرا جزيلا لك :1900: :84764: |
|
| موضوع: رد: الحقوق السياسية و المدنية للأقليات الغير مسلمة في المجتمع الإسلامي الثلاثاء 8 سبتمبر - 21:42 | |
| |
|