قراءة في بكائية مالك بن الريب مالك عندما نقف امام بكائية مالك بن الريب التميمي نجد انفسنا امام سيل من الحزن اللامتناهي نستشف عاطفة شاعر متشبث بالحياة حتى آخر رمق وشاعرنا الفذ مالك بن الريب روي انه كان صعلوكا قاطع طريق فمر عليه سعيد بن عثمان بن عفان في جيش لفتح مرو اقليم من اقليم خراسان فاقتنع مالك بانضمامه الى الجيش وترك الصعلكة وقطع الطريق واصبح غازيا في سبيل الله واختلفت الروايات في موته فبعض الروايات تشير الى انه مات بالسم لدغته افعى كانت في رحله والبعض يقول انه اصيب بسهم فجرح واندمل الجرح على غل وانفجر عند عودته ولست هنا اريد الطريقة التي مات بها شاعرنا فقد قال الشاعر تعددت الاسباب والموت واحد لكنني اريد الوقوف امام هذه البكائية الحزينة التي تعتبر من اجمل المراثي في الادب العربي ان لمتكن اجملها على الاطلاق وشاعرنا رحمه الله يبدأ بناء قصيدته على نداء التمنى واكثر من هذا النداء في ابيات متفرقات من القصيدة لانه الشاعر احب الحياة فالبيت الأول والثاني ألا ليت شعري هل ابيتن ليلة بجنب الغضا ازجي القلاص النواجيا
وفي البيت السادس والثلاثين ايضا نداء تمني واختلفت الروايات في هذا البيت فالبعض يقول رحى الحرب والبعض يقول رحى الثفل هنا وهناك فالثفل ماتخلفه الرحى بعد طحن الحب وقد يكون تشبيها من الشاعر لما خلفته من القتلى ثم نجده في البيت الواحد والأربعين ايضا يتمنى لمعرفة مااذا كانت ام مالك ستبكيه بعد موته كما لوكانت هي ماتت فانه سيبكيها والنداءات المتكررة تحمل بعدا انسانيا وبنائية فنية جميلة للقصيدة نداء يتبعه تمني وكل ذلك استشفاف هل مسيحس من ذكرهم في قصيدته بفقده كما يحس هو بفقدهم وهو على اعتاب الفراق . واعتمد شاعرنا على المساءلة في اسلوب فني جميل بارع في مساءلته هل ابيتن ليلة بوادي الغضا والجواب هنا مرتبط بحالة الشاعر النفسية فلطالما انه متشبث بالحياة سيجد لنفسه جميلا يعزيه مما هو فيه من كرب. نعم ستبيت يامالك وستزجي القلاص والقلاص هي الأبل ألم ترني بعت الضلالة بالهدى والجواب ايضا بنعم بعت الضلالة بالهدى فكنت قاطع طريق واصبحت غازيا في سبيل الله هل تغيرت الرحى والجواب نعم تغيرت الرحى وانتصر المسلمون هل بكت ام مالك نعم بكت يامالك بعد موتك لانها كانت تحبك فانت من شغف فؤادها كما شغف المهنوءة الرجل الطالي لكنني في البيت الحادي عشر وجدت بيت شاذا وهو فلله دري يوم أترك طائعا بني باعلى الرقمتين وماليا مالك هنا يتحسر؟ مالك صعلوك والصعاليك عادة من اشجع الفرسان أفيتحسر على الموت ويندم؟ لا اظن. لله دري هنا كلمة استحسان تفيد التحسر ولو وازنا بين هذا البيت والبيت الرابع والعشرين والسادس والعشرين لوجدنا هناك تناقضا واضحا وبونا شاسعا فمالك يقول وقد كنت عطافا اذا الخيل ادبرت سريع لدى الهيجا الى من دعانيا وقد كنت صبارا على القرن في الوغى ثقيلا على الأعداء عضب لسانيا دققوا معي عطاف وقت الادبار أي شجاع عند ادبار الفرسان الاخرين وصبار على مجالدة الاقران في الوغى افيعق ان يتحسر على الموت خاصة وان موته كان مشرفا مات غازيا هنا احتمال ان يكون البيت الذي يتحسر فيه مالك مولد وهذا حماد الراوية اكذب خلق الله وفيه يقول الدكتور العشماوي يأمة مازال يكتب نثرها طه ويروي شعرها حماد ويرتب الحلاج دفتر فكرها ويقيم مأتم عرسها حداد طه هو طه حسين الذي قال ان المتنبي ابن زنا وحماد هو حماد الراوية الذي قال ان سكينة بنت الحسين ماجنة والحلاج صاحب الفكر الصوفي المنحرف وحداد هو المنشق اللبناني العميل لأسرائيل اعتمد شاعرنا على الحوار في قصيدته استشعارا منه الى من يشاركه همه الذي هو فيه لانه حزين بمفرده وحيدا والحوار هنا قولي أقول لأصحابي أقول وقد حالت يقولون لاتبعد وهم يدفنونني وأين مكان البعد الامكانيا انه يبحث عمن يشاركه النجوى وبداخله رغبة جامحة للخروج من وحدته وعزلته التي هوفيها وهويستخدم ذاكرته ويفجرها عاطفة شعرية ليشكل لنا نموذجا استرجاعيا لما مضى هذا النموذج يتكتل ويفرغه كشحنات نفسية من خلال التمني يستطرد في التذكر يحاور ويستطرد ويحاور الى ان يصل الى البيت الخامس والاربعين فنجده يوقن بانه هالك لامحالة فيعطي وصيته في الابيات التي تلي ذلك نعم ياملك سيبكيك كثير بكاك بعد اربعة عشر قرنا قارئك في هذه الصفحة لانك سطرت شفافية شاعر ورسمت فارس في قصيدة وخلدت قصيدة قلما جاد الشعراء بمثلها رحم الله مالك بن الريب واسكنه فسيح جناته ورحم الله من دعى له منكم عند قراءة هذا النص
القصيدة الا ليت شعري هل ابيتن ليلة بجنب الغضى ازجي القلاص النواجيا