الله سبحانه و تعالى يدعونا إلى التوبة و الإنابة و الفرار إليه .. فهل نلبي النداء :
الله سبحانه و تعالى يدعونا إلى التوبة و الإنابة و الفرار إليه .. فهل نلبي النداء :
من رحمة الله علينا أخي الحبيب ، أن دعانا إلى التوبة وفرضها علينا لنتوب فيغفر لنا سبحانه وتعالى ، فما أرحمه بنا ، وما أرأفه بحالنا ، وما أحمله علينا ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب من أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ؛ أخطأ من شدة الفرح )) [ رواه مسلم ] .
فالله عزَّ وجلَّ يدعوك – أخي الحبيب – إلى داره : ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس:25] .
فلم الإعراض ؟ .. ولم الصدود ؟.. ولم الفرار ؟ ..
إن من خاف مخلوقاً فرَّ منه ... أما من خاف من الله تعالى فرَّ إليه : ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [ الذريات:50] .
فالله عزَّ وجلَّ يقبل توبة التائبين ، ويغفر ذنوب المذنبين ، ويقبل عثرات العاثرين ... ويرحم دموع الخائفين النادمين ..
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ..
ينزل سبحانه كل ليلة إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول :
هل من داع فأستجيب له ؟ ..
هل من سائل فأعطيه ؟..
هل من مستغفر فأغفر له ؟ ..
لم يؤيّس عبده من رحمته .. ولم يقنطه من عفوه ومغفرته .. بل قال : متى جئتني قبلتك .. إن أتيتني ليلاً قبلتك .. وإن أتيتني نهاراً قبلتك .. وإن تقربت مني شبراً تقربت منك ذراعاً .. وإن تقربت مني ذراعاً تقربت منك باعاً . وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولة .. ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا .. ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً .. أتيتُك بقرابها مغفرة .. ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، ومن أعظم مني جوداً وكرماً ؟..
عبادي يبارزونني بالعظائم .. وأنا أكلؤهم على فرشهم .. إني والجن والإنس في نبأ عظيم .. أخلق ويعبد غيري .. وأرزق ويشكر سواي .. خيري إلى العباد نازل .. وشرّهم إليَّ صاعد .. أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم .. ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إليَّ .
من أقبل إليَّ تلقيته من بعيد .. ومن أعرض عني ناديته من قريب .. ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد .. ومن أراد رضائي أردت ما يريد .. ومن تصرف بحولي وقوتي ألنتُ له الحديد ..
أهل ذكري أهل مجالستي .. وأهل شكري أهل زيادتي .. وأهل طاعتي أهل كرامتي .. وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ..
إن تابوا إليَّ فأنا حبيبهم .. فإني أحبُّ التوابين وأحبُّ المتطهرين .. وإن لم يتوبوا إليَّ فأنا طبيبهم .. أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب ..
من آثرني على سواي ؛ آثرته على سواه .. الحسنة عندي والسيئة عندي بواحدة .. فإن ندم عليها واستغفرني غفرتها له ..
أشكر اليسير من العمل .. وأغفر الكثير من الزلل .. رحمتي سبقت غضبي .. وعفوي سبق عقوبتي .. وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها (مدارج السالكين ( 1/ 211 ، 212 ) .
فأين التائبون إلى الرحمن ؟!
أين الخائفون من النيران ؟
أين المشتاقون إلى الجنان ؟!
أين الخاطبون للحور الحسان ؟!
من كتاب " أخي السجين معا نصنع النجاح ".