فوائد الكتاب و أهميته في حياة الإنسان اليومية :
الكتاب صديق لا يمل و لا يضجر من صحبتك ووجودك ، من صفاته الكرم و العطاء و الإخلاص و الوفاء ...
فهو يعطيك فيجزل لك العطاء ، و لا يأخذ منك إلا قليلا من مالك ووقتك ، إذا ناديته لبى ندائك و أعطاك حاجتك من غير ما تأفف أو مماطلة ، و إذا طردك أقرب الناس إليك وجدت في الكتاب الملجأ الآمن و الأنيس الذي لا يستوحش منه ، و إذا ملك أصدقائك و جافوك وجدته الصديق الوفي الذي يتقرب منك و يسعى إلى إرضائك ، لا يؤذيك و لا يغضبك ، بل ينفعك و بفضله ترتفع مكانتك ، يقول الجاحظ في مدح الكتاب : (الكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك وشحن طباعك وبسط لسانك وجوَّد بنانك وفخَّم ألفاظك، وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر، والكتاب يُطيعك بالليل كطاعة بالنهار، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، ولا يعتلُّ بنوم ولا يعتريه كلل السفر ).
و يقول أبو الطيب المتنبي:
أَعَزُّ مَكَانٍ فِي الدُّنَا سَرْجٌ سَابِحٍ
وَخَيرُ جَلِيسٍ فِي الزَّمَانِ كِتَابُ
و يقول شاعر آخر :
نِعْمَ الأَنِيسُ إذَا خَلَوْتَ كِتَابُ
تَلْهُو بِهِ إنْ خَانَكَ الأَصْحَاب
لاَ مُفْشِيًا سِرًّا إذَا اسْتَوْدَعْتَهُ
وَتَنَالُ مِنْهُ حِكْمَةً وَصَوَاب
و فيما مضى كانت للكتب مكانة عظيمة في نفوس العلماء ، فقد كان الزهري إذا جلس في بيته وضع كُتبه حوله فيشتغل بها عن كلِّ شيء من أمور الدنيا، فقالت له امرأته يومًا: والله لهذه الكتب أشدُّ عليَّ من ثلاث ضرائر! ، وكان ابن المبارك يستأنس بخلوته في البيت وحده ليشتغل بالقراءة، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه، يعني بها كتب الحديث ، وقال ابن الجوزي: وإني أخبر عن حالي ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره فكأني وقعت على كنـز، ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلَّد، كان أكثر، وأنا بعد في الطلب.
و الكتب في مجتمعنا العربي كثيرة ولله الحمد و في كل يوم تألف آلاف الكتب في شتى المجالات ، و لكن لا تقرأ هذه الكتب إلا الطبقة المثقفة وهذه الطبقة نسبتها قليلة جدا ، أما باقي طبقات المجتمع فهي تضيع وقتها في سفاسف الأمور و في أشياء تافهة لا يستفاد منها ، ولذلك فأمتنا العربية هي أمة جاهلة في أدنى المراتب ( للأسف ) ، ولذلك إذا أردنا استرداد عزتنا و مكانتنا ، فعلينا الإهتمام بالكتب و تخصيص وقت ليس بالقليل للقرائة فيها .