ما مدى تأثير الدعوة إلى الله عن طريق الإنترنت ؟ و ما مدى انتشارها ؟
ما مدى تأثير الدعوة إلى الله عن طريق الإنترنت ؟ و ما مدى انتشارها ؟
القاصي والداني، والعدو والمحب، والصغير والكبير، بات يعلم مدى التأثير الدعوي الذي قامت به شبكة الإنترنت في دعوة الناس ومحاورتهم بالتي هي أحسن، والتأثير عليهم، وخصوصاً أن الإنترنت عبارة عن وسيلة إرسال واستقبال ومحادثة ومصارحة، وهو يختلف كثيراً عن النمط التقليدي التلفزيوني فهو في الأعم الأغلب توجيه مباشر أو استقبال لِكَمٍ هائل من المعلومات دون تواصل دائم بين الطرفين، ولو تمَّت هذه العملية فإنَّها مكلفة كذلك فاتصال واحد على أحد العلماء أو الدعاة مكلف ، بخلاف الإنترنت.
وهنالك نقطة مهمة في هذا الصدد يمكن ذكرها حول الدعوة الالكترونية، والتأثير الجيد على الناس من خلالها، وذلك بإمكانية توفير أجوبة خاصة للأسئلة المحرجة التي لا يمكن إجابتها على الإذاعة والتلفاز، فليس من شك أنَّ الإنترنت أحدث نقلة نوعية للإجابة عن الأسئلة الحرجة سواء أكانت أجوبة فقهية أم اجتماعية أو اخلاقية، واستطاع الدعاة فيه أن يتمددوا بين الناس ويعالجوا مشكلاتهم ويجذِّروا لديهم قناعة أنهم قادرون على إجابة أسئلتهم بشكل واضح، بعيدا عن الخجل، وذلك لأن السائل يطرح أسئلته بوضوح وصراحة ، والمجيب عنها يجيبه بناء على صراحته معه، ولو تتبعنا كثيراً من مواقع الإنترنت التي اهتمت بالجانب الاستشاري والدعوي لوجدنا الشيء الكثير من هذه المواقع مثل موقع:(المسلم) وموقع (الإسلام اليوم) وموقع (إسلام أون لاين) وموقع (طريق السلف) وموقع :(الألوكة) وموقع:(المربي) وموقع:(الإسلام سؤال وجواب) وموقع :(الألوكة) وغيرها من المواقع الإسلامية الدعوية الجادة، ومن تصفح الاستشارات التي فيها فإنَّه واجد كثافة هائلة في الأسئلة الخاصة التي يسألها السائل وتكون الإجابة منشورة دون ذكر اسم السائل، فيستفيد منها السائل وغيره إن وقعت له مشكلة مماثلة، وتبقى مرجعاً للدعاة يمكنهم أن يرجعوا إلى عدد من الأجوبة لأسئلة تعترضهم من خلال عملهم الدعوي المباشر وغير المباشر.
ومن ناحية أخرى، فللداعية على الإنترنت تأثير جميل، من خلال دعوة الآخرين إلى الإسلام، وهدايتهم إلى دين الله، وهاك قصَّة تدلل على إبداع بعض الدعاة في مناقشات الإنترنت والتأثير الدعوي، فهذا يوسف كوهين، واسمه الآن:(يوسف خطَّاب) كان يحلم كغيره من الذين يعيشون خارج إسرائيل بالهجرة إليها والعيش في ظلال دولة الديمقراطية والقانون التي يروج لها حكام إسرائيل فقرر كوهين القدوم إلى إسرائيل عام 1998، حيث وصل وعائلته مباشرة إلى قطاع غزة، إلى مستوطنة "غادير" في مستوطنة "غوش قطيف"، إلا أنه ضاق ذرعا بالحياة في قطاع غزة التي لم تلائم ظروف عائلته حديثة العهد .
وانتقل للسكن في "نتيفوت" الواقعة في جنوب إسرائيل، وبدأ كوهين من هناك بإجراء أول اتصالاته مع مسلمين، وفي مرحلة معينة قام كوهين بمراسلة رجال دين مسلمين عبر الانترنت، وبدأ في قراءة القرآن باللغة الانجليزية، وكان يهوديًّا متشددًا وعضوًا في حركة شاس اليهودية المتعصبة، كما كان شديد الإعجاب بزعيم تلك الحركة يوسف عوفاديا.
أطلق على ابنه الأصغر اسم عوفاديا؛ إعجابًا بالحاخام المتطرف عوفاديا يوسف زعيم حركة شاس اليهودية المتطرفة، وألحق أبناءه بشبكة التعليم التوراتي، والتحق بالعمل في إدارة تابعة للقطاع الديني اليهودي.
وترجع أسباب إسلام يوسف خطاب إلى دردشة عن طريق الإنترنت مع أحد الدعاة حيث فتحا أبوابًا للنقاش وتبادل الآراء، وكلَّما ازدادا تعمقًا في نقاشاتهما ازداد يوسف خطاب تعلقًا بالرجل، ورغبة في معرفة المزيد عن الإسلام والدين الإسلامي، وعَرَف خطاب فيما بعد أن صديقه إمام مسجد في إحدى الدول الخليجية، وأهداه نسخة من المصحف الشريف، لكنه أخفاها عن زوجته.
وقد استمرت علاقة يوسف خطاب بصديقه المسلم وازدادا قربًا وصداقة، وزاد تعمق يوسف خطاب في الدين الإسلامي، وفي نهاية المطاف أرسله صديقه المسلم إلى بعض علماء الدين الإسلامي في القدس الشرقية الذين عاونوه على فهم المزيد عن الإسلام، وكان لهم دور كبير في اقتناعه بضرورة اعتناق الدين الإسلامي.بعد ذلك صارح يوسف خطاب زوجته باعتناقه الإسلام وترك لها حرية الاختيار، وإن كان يتمنى أن تعتنقه هي بدورها، وأوضح لها عظمة الإسلام ومزاياه، ومن جانبها طلبت هي فترة من الوقت حتى تتعرف هي بدورها على الإسلام، وبدأت في دراسة الدين الإسلامي، وفي نهاية المطاف اقتنعت بضرورة اعتناق الإسلام، وأكدت أن ذلك قد تم بكامل إرادتها، ودون أية ضغوط من جانب زوجها.بعد ذلك أخذ يوسف خطاب زوجته وأبناءه الأربعة إلى المحكمة الشرعية بالقدس الشرقية، وهناك أعلنوا إسلامهم، وانتقلوا للعيش في قرية الطور العربية الواقعة بالضفة الشرقية.
ويحكي قصة إسلامه فيقول: (لم يأتِ هذه القرار بسرعة أو بشكل عفوي، فأنا كنت أقضي معظم وقتي في المراسلة وقراءة المواقع المختلفة في الإنترنت, وخلال ذلك تعرفت على شخص اسمه (زهادة) وتعمقت علاقتنا، وبتنا نتناقش يوميًّا في مختلف القضايا عبر الإنترنت، وقد كان للدين قسط كبير في محادثاتنا).
ومنذ تلك اللحظة بدأ يوسف كوهين التعرف على الدين الإسلامي, ويومًا بعد يوم رغب في التعمق أكثر حتى سيطر حب الاستطلاع عليه.
ويقول يوسف: (تَرَكَّز حديثنا في البداية على فلسفة الحياة وأهميتها وجمالها, وإلى أي مدى يؤثر الدين الإسلامي على الإنسان، بعد ذلك تعمقت العلاقة أكثر إلى أن أدركت أن "زهادة" شيخ من دولة الإمارات العربية في الخليج, وهو رجل متعمق بالدين). وقال له الشيخ زهادة: إنه سيتصل بشيوخ في القدس وبأنه يستطيع الوصول إليهم، وهم بدورهم يشرحون له أكثر عن الدين الإسلامي، ويكون التعامل أسهل من الإنترنت. وافق يوسف كوهين على هذا الاقتراح, وكان قد انجذب إلى الدين الإسلامي، وبدأ يقتنع به, فتوجه إلى شيوخ القدس الذين نجحوا في إقناعه بترك اليهودية واعتناق الإسلام.
ولقد أصبح يوسف خطاب داعيةً إلى الإسلام، ويدخل العديدون من اليهود الإسلام على يديه. وفي سؤال ليوسف: كم يهودي أسلم على يدك؟ردَّ قائلاً: حتى الآن العدد لا يتجاوز العشرات، وبعضهم لا أعرفهم، وإنما أراسلهم عبر الإنترنت في إسرائيل؛ ولهذا السبب فكرت بإقامة مركز الدعوة الإسلامية بناءً على طلبهم حتى نلتقي وأُعرِّفهم أصول الدين الإسلامي والصلاة والعبادات، وأنا لا أستطيع أن أقابل الناس بل أخاطبهم عبر الإنترنت؛ لأنني لست حزبًا سياسيًّا.
وقصًّة أخرى ذكرتها جريدة الشروق اليومي الجزائرية حيث تمكن الشاب الجزائري عبد الواحد سوايبية الذي يبلغ من العمر " 31 " سنة ويقيم ببلدية بوشقوف الواقعة على مسافة 35 كلم نحو شمال شرق قالمة، تمكِّن وبكل يسر بإقناع ثلاثة فرنسيين سيدتين ورجل من زيارة الجزائر وبالتحديد مدينة بوشقوف التي أعلنوا بأحد مساجدها اعتناقهم الدين الإسلامي.
وذكرت جريدة " الشروق اليومي " أن عبد الوحيد كان يمارس " الشات " على شبكة الإنترنت وتعرف على امرأة فرنسية تسمَّى " ميشال " والتي تبلغ من العمر 58 سنة.
وقررت الصديقة الفرنسية ميشال بعد فوز عبدالوحيد بشهادة البكالوريا زيارته بمدينة بوشقوف الجزائرية لتتعرف أكثر على محيطه ووسطه الأسري.
وصادفت زيارة ميشال إلى الجزائر زيارة صديقتها مونيكا عضو الحزب الشيوعي الفرنسي وزوجها ريجيس البالغين من العمر 60 سنة واللذين قدما إلى الجزائر لحضور عرس زفاف لأحد المغتربين الجزائريين والذي يعتبر صديقا لهما ويقيم بمدينة وهران.
وقالت الصديقة مونيكا في زحمة تبادل أطراف الحديث والقفز بين المواضيع :" إنها لم تجد ما تبحث عنه في المسيحية أو البوذية ".
ولم يتردد الشاب عبد الوحيد في اغتنام الفرصة التي أتيحت له، خاصة وأن صديقته ميشال كانت مقتنعة جدا بكلامه وبتعاليم الدين الإسلامي فوجه سؤاله لمونيكا هل جربت دخول المسجد ؟ وعندما أجابته بالنفي أضاف ربما تجدين في المسجد ما كنت تبحثين عنه دوما .
ومن هنا انطلقت الفكرة لإقناعها وزوجها باعتناق الإسلام وبدأت هذه الفكرة تكبر في رأس عبد الوحيد وكذا عائلته، خاصة أمه ووالده اللذان يقول إنهما وفّرا له كل الظروف المواتية والمعاملة الطيبة لضيوفه الذين تأثروا كثيرا لحفاوة الاستقبال والمعاملة الطيبة من عائلة سوايبية وكل جيرانهم.
أحببت ذكر هاتين القصَّتين وغيرهما كثير جداً في تأثير عمل الداعية من خلال شبكة الإنترنت على الناس، وهدايتهم إلى صراط الله المستقيم، مع ضرورة التنبه لخطر المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة في شبكة المعلومات (الإنترنت) فما أشبهها إلاَّ بالزيت والنار، سرعان ما تشتعل، والموفق من وفَّقه الله تعالى، ففيها كراهة شديدة قد تصل بالمرء إلى التحريم والإثم إن كانت لديه مقاصد الله تعالى أعلم بها!!
من كتاب الدعوة إلى الإسلام على الإنترنت لخباب مروان الحمد .