من ثمار و فوائد الدعوة إلى الله عز و جل – 16 ثمرة من ثمار الدعوة :
على منتدياتكم منتديات الطريق نحو القمة ، من كتاب " لكي تكون داعية " للداعية الشاب مهنا نعيم نجم .
1. متابعة الأنبياء ، والإقتداء بهم ، واقتفاء أثرهم ، قال تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنَا ومن اتبعني ). قال الإمام الفراء البغدادي " حق على كل من اتبعه أن يدعوَ إلى ما دعا إليه ، ويُذكِّر بالقرآن والموعظة " وقال العلامة ابن القيم " فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم " .
2. التقرب إلى الله عز وجل ، وامتثالاً لأمره الذي أمر به ، قال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظةِ الحسنة ) ، وقال تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) قال العلامة ابن القيم " جعل الله – سبحانه – مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق ، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدْعَى بطريق الحكمة ، والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يُدْعَى بالموعظة الحسنة وهي : الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب ، والمعاند الجاحد يُجادل بالتي هي أحسن " .
3. المسارعة إلى الخيرات ، والرغبة في نيل الأجر العظيم ، قال الإمام الشوكاني " فلا شيء أحسن ممن دعا إلى الله ، ولا أوضح من طريقه ، ولا أكثر ثواباُ من عمله " وهذا لعمري لا يخفى على كل ذي لب . وايضاً ندعوا إلى الله لكثرة الحسنات مع المشقة القليلة – ولله الحمد – خاصّة في مثل هذا الزمن ، قال صلى الله عليه و سلم " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " رواه مسلم . ومما لا شك فيه أن الدعوة إلى الله تثقل موازين الحسنات يوم العرض ، قال صلى الله عليه و سلم " من دعا إلى هدى كان له من الأجور مثل من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئاً ..." رواه مسلم .
4. التسديد والتوفيق إلى كل ما هو خير وصلاح في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ، قال الإمام البغوي " هم الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا " ، وقال العلامة ابن القيم – في الفوائد " علّق – سبحانه – الهداية والجهاد ، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهاداً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس ، وجهاد الهوى ، وجهاد الشيطان ، وجهادالدنيا ، فمن جاهد في هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته ، ومن ترك الجهاد فإنه من الهدى بحسب ما أعطاه من الجهاد ".
5. رجاء صلاح الذريّة ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، ولأن فيها قرةعين في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً ) ، فالداعية ممن يحرصون على التقوى والقول السديد . ولعل هذا الأثر الطيب يراه الجميع واضح في بيوت الدعاة والداعيات المخلصين الصادقين ، وكذلك في بيوت أهل الخير والصلاح .
6. الأمان والطمأنينة في حين يخاف الناس ، قال تعالى ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) ، قال العلامة ابن القيم – في كتابه عدّة الصابرين : " ليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة ، بل القيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الديّانين لا يعبئون منها إلا بما شاركهم فيه عمومُ الناس . وأما الجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والنصيحة لله ولرسوله وعباده ،ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه ، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم ... وأقل الناس ديناً ، وأمقتهم إلى الله :من ترك هذه الواجبات ، وإنْ زهد في الدنيا جميعاً ،وقل أنْ ترى منهم من يحمرُّ وجههُ ، ويمعِّره لله ، ويغضب لحرماته ، ويبذل عرضه في نصرة دينه ، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء " .
7. الدعوة إلى الله من أسباب الفلاح والفوز والنصر والتمكين ، قال تعالى ( والعصر * إن الإنسان لفي خُسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوْا بالحق تواصوا بالصبر ). وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ). لأن بالدعوة يُعبَد الله – عز وجل – بما شرع ، وتزال المنكرات والبدع ، ويبث في الأمة العزّة والكرامة ، لتسير في طريق النصر والتمكين .
8. بالدعوة يصلح المجتمع وتنجوا الأمة من اللعنة والعذاب ، قال تعالى ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُد وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ). فإن في ترك الدعوة إلى الله نكراناً لحق المُنعِم ، وجلب لحلول النقم وزوال النعم .
9. دعاء النبي صلى الله عليه و سلم للدعاة والمصلحين ، حيث قال " نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلغها " رواه ابن ماجه ، وقال أيضاً " رحم الله امرأً سمع مني حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره ..." رواه أحمد . وفي الحديث الصحيح " ان الله ، وملائكته ، وأهل السماوات والأرض ،حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي . فهنيئاً لمن أدركته هذه الأدعية ، ونال منها نصيباً .
10. الدعوة إلى الله صدقة من الصدقات ، قال تعالى ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) ، قال الامام الحسن البصري " من أعظم النفقة نفقة العلم " والمقصود أن تعلم الناس الخير وتدعوهم إليه ، وأن تساهم في إنجاح مشاريع العلم .
11. أن الدعوة للجميع كل من مكانه وحسب قدرته وإمكاناته ، قال سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في كتابه الدعوة وأخلاق الدعاة : " فعند قلة الدعاة ، وعند كثرة المنكرات ، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ، تكون الدعوة فرض عين على كل واحدٍ بحسب طاقته " .
12. الدعوة إلى الله رفعة في الدنيا والآخرة ، قال العلامة ابن القيم " إن أفضل منازل الخلق عند الله منزلة الرسالة والنبوة ، فالله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس " فمن أراد الرفعة والسؤدد والمنزلة الطيبة فعليّه بالدعوة والذب عن دينه والجهاد في سبيل الله . ولك مثل ، انظر إلى منزلة موسى عليه السلام عند الله ، روى ابن القيم الجوزية في كتابه " مدارج السالكين " عن شيخه شيخ الإسلام أحمد بن تيمية – رحمهم الله جميعاً – قال " انظر إلى موسى – عليه السلام – رمى الألواح فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها ، وجرَّ بلحية نبيٍّ مثله ، ولطمَ عين مَلَك الموت ففقأها ، وعاتب ربَّه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه و سلم ، وربُّه يحتمل له ذلك كله ، ويُحبُّه ويًكرِمه لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدُوٍّ له ، وصدع بأمره ، وعالج أُمة القبط وبني اسرائيل ، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر . وانظر إلى يونس – عليه السلام – حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى ، غاضب ربَّه مرّة ، فأخذه وسجنه في بطن الحوت ، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى " .
13. استمرار الأجر وثواب الداعية بعد موته ، وتلك من الثمار الطيب طعمها ، الحلو مذاقها. إذ ثبت في الحديث الصحيح " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " متفق عليّه . وقال صلى الله عليه و سلم " من سنّ في الإسلام سنّةً حسنةً فعُمِل بها بعده ، كُتب له أجر من عمل بها ، ولا ينقص من أجورهم شيء " . فتأمل في حال أجور من دعوا هذه الأمة ، وصحّحوا عقائدها من سيدنا ومعلمنا ونبينا محمد صلى الله عليه و سلم ثم الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وانظر إلى من نشر الدعوة والعلم ، وامتطى صهوة الخير ليبلغها للناس من علماء الأمة الربانيين ، فتأمل يرحمك الله كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله – الذي قلّ أن تجد استشهاداً شرعيّا إلا وله ومنه كلام . كم له متوفى وكم له من الأجور ، والله لكأنّه بيننا يدعو ، ويفتي ، ويرشد ، ويناظر أهل البدع والزيغ والضلال . وأهل العلم أمثاله والسائرين على ما سار عليّه من هدي الكتاب والسنة وسلف الأمة كُثر والحمد لله .
14. الدعوة إلى الله من الجهاد في سبيل الله ، وصور الجهاد كثيره ومتنوعه ومتعدده ، فمن لم يستطع الجهاد بالسيف والبندقية ، يجاهد بالكلمة والصدقة ، أو بالرأي والمشورة أو أعمال الخير ... وغيرها . فالداعية مجاهد في سبيل الله محتسب أجره عند الله لما يلاقيه من أذناً في سبيل دعوة الحق ، قال العلامة ابن القيم " وتبليغ سنته – سنة الله ونبيه – إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو ، لأن تبيلغ السهام يفعله كثير من الناس ، أما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء ..." والخير كله إذا اجتمعا .
15. بالدعوة إلى الله استفادة من الوقت وعمارته بما يعود على الإنسان المسلم بالخير في الدنيا والآخرة ، فإنه مسؤول عن عمره فيما أفناه ، وشبابه فيما أبلاه . ولذا كان من الأهمية بمكان أن يحافظ المسلم على وقته وينظمه ، يقول العلامة ابن القيم الجوزية – في مدارج السالكين " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف ألبتّة ،ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار ، فمُسرع ومبطِئ ، ومتقدم ومتأخر ، وليس في الطريق واقف ألبتة ... قال تعالى ( إنها لإحدى الكُبَر * نذيراً للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ) ولم يذكر واقفاً إذ لا منزل بين الجنة والنار ولا طريق لسالك إلى غير الدارين ألبتة ، فمن لم يتقدم إلى هذه الأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك الأعمال السيئة .
16. في الدعوة إلى الله شكر للمُنعِم والقيام بحقه سبحانه وتعالى ، وهذا الدين الذي ارتضيناه لأنفسنا لا بد من الدعوة إليه ، والدفاع عنه ، ونصرته والتضحية في سبيله ، وبذل الغالي والنفيس لإعلائه .