مسألة أصولية : الإلزام بما فيه كلفة …- عصام البشير المراكشي
مسألة أصولية : الإلزام بما فيه كلفة …- عصام البشير المراكشي
السؤال:
ما هو السر في اختلاف الأصولين ،حول مسألة التكليف وبالضبط في أنه إلزام ما فيه كلفة أو طلب ما فيه كلفة ..؟
الجواب:
التكليف لغة إلزام ما فيه كلفة أي مشقة. ومن الدليل على ذلك قول الخنساء رضي الله عنها عن أخيها صخر:
يكلفه القوم ما نابهم = وإن كان أصغرهم مولدا
أي: يلزمونه ذلك.
وقول علقمة بن عبدة:
تكلفنى ليلى وقد شط وليُها = وعادت عواد بيننا وخطوب
وأما في الاصطلاح، فاختلفوا في تعريفه على أقوال:
– الأول: أنه (إلزام ما فيه مشقة). وعلى هذا فلا يدخل في التكليف سوى الواجب والحرام، إذ لا إلزام في الندب ولا الكراهة ولا الإباحة.
– الثاني: أنه (طلب ما فيه مشقة). وعلى هذا تدخل الأحكام الخمسة سوى الإباحة، إذ لا طلب فيها. أما الندب والكراهة ففيهما الطلب لكن بغير جزم، كما هو معروف. وقال بعضهم: يلزم على هذا التعريف أن يكون الصبي مكلفا، إذ يتوجه إليه الطلب بأداء الواجبات، وإن كان على سبيل الندب.
وهذان القولان هما الأشهر في تعريف التكليف، وعليهما اقتصر السبكي في جمع الجوامع فقال:
(وفي كون المندوب مأمورا به خلاف، والأصح ليس مكلفا به وكذا المباح، ومن ثم كان التكليف إلزام ما فيه كلفة لا طلبه، خلافا للقاضي)، يقصد: الباقلاني.
ونظمه في المراقي بقوله:
وهُو إلزامُ الذي يشق = أو طلبٌ، فاه بكل خلق
– الثالث: أنه (إلزام مقتضى خطاب الشرع). والمراد بمقتضى خطاب الشرع: الأمر والنهي والإباحة. وهذا التعريف أقل شهرة، وإنما لجأ إليه من قال به لإدخال الإباحة في مسمى التكليف.
على أن الجمهور يلتزمون أنه لا تكليف في الإباحة، وإنما يذكرها الأصوليون تتميما للأقسام. وانفصل آخرون من الإشكال، بأن قالوا: (المباح مكلف به من حيث اعتقاد إباحته)، ويرد عليه أنه لا اختصاص للمباح بذلك.
وقال بعض الأصوليون كالرازي: الخلاف لفظي.
وعد الشاطبي في الموافقات مسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا، ضمن المسائل التي أدخلت في علم أصول الفقه وليست منه.
وعلى كل حال، فلا يترتب على هذا الخلاف كبير شيء في العمليات.
والله أعلم.