لا تيأس ففرج الله طبعا آت ( قصة )
لا تيأس ففرج الله طبعا آت ( قصة )
قال يعقوب بن داود : لمَّا حبسني المهدي في بئر .. وبنى عليَّ قُبَّةً .. فمكثتُ فيها خمس عشرة سنة .. حتى مضى صدرٌ من خلافة الرشيد .. وكان يُدلَّى لي في كل يومٍ رغيف وكوز ماءٍ .. وأوذنُ بأوقاتِ الصلاة .. فلما كان في رأس ثلاث عشرة حجّة .. أتاني آتٍ في منامي فقال :
حَنَا على يوسف ربٌّ فأخرجه
من قعْرِ بئرٍ وجُبٍّ حوله غممُ
قال : فحمدتُ الله تعالى وقلت : أتى الفرج .. فمكثتُ حولاً لا أرى شيئاً .. فلما كان الحول الثاني أتاني ذلك الآتي فقال :
عسى فرجٌ يأتي به الله إنه
له كل يومٍ في خليقته أمر
ثم أقمتُ حولاً لا أرى شيئاً .. ثم أتاني ذلك الآتي في رأس الحول الثالث فقال :
عسى الكربُ الذي أمسيت فيه
يكون وراءه الفرج القريب
فيأمن خائفٌ ويفك عانٍ
ويأتي أهله الرجلُ الغريبُ
فلما أصبحت نوديت .. فظننتُ أني أُوذنُ بالصلاة .. ودُلّي لي حبلٌ .. فقيل : شُدَّ به وسطك .. ففعلتُ ما قالوا ... وأخرجوني من البئر .. فلما تأملت الضوء ذهب بصري .. فانطلقوا بي .. فلما دخلت على الرشيد .. قيل لي : سلِّمْ على أمير المؤمنين .. فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمه الله وبركاته المهديّ ..
قال : من أمير المؤمنين ؟
قلت : المهديّ ..
قال : لستُ به ..
قلت : السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين الرشيد .
فقال الرشيد : يا يعقوب بن داود ! إنه – والله – ما شَفَعَ إليَّ فيك أحد .. غير أني حَملتُ البارحة صبيةً لي على عنقي .. فذكرتُ حمْلك إياي على عنقك .. فرثيتُ لك من المحل الذي كنت فيه فأخرجتُك ..
قال : ثم أكرمني وقرَّب مجلسي ..
فتنكّر لذلك يحي بن خالد .. كأنه خاف أن أغلب على الرشيد دونه .. فخفتُه .. واستأذنتُ في الحجّ .. فأُذن لي .. ولم أزل مقيماً بمكة ..