الحريري والكتابة الكلاسيكية ، الأدب و الغرابة
الحريري والكتابة الكلاسيكية ، الأدب و الغرابة
إذا كانت شخصيات كتب الحديث والأخبار والتاريخ شخصيات فردية، فإن شخصيات مقامات الحريري أنماط إنسانية ونماذج بشرية عامة مثل: أسماء النساء التي ترد في الشعر الجاهلي أو الإسلامي كهند وليلى وسعاد وخولة وسلمى ودعد ولبنى وعفراء حتى أصبحت سنة شعرية من الصعب الخروج عنها.
إن ابا زيد السروجي والحارث بن همام بطلا المقامات الحريرية أنماط بشرية عامة تترجم سلوكيات أخلاقية إنسانية مطلقة. كما في الحديث النبوي الشريف:"كلكم حارث وكلكم همام". و مما يؤكد نمطية هذه الشخصيات أوصافها التي تتغير من مقامة إلى أخرى حتى تصبح شخصيات براقشية متغيرة تتلون في أخلاقها بتغير الأمكنة والأزمنة والأفعال.
وإذا كانت المعاني والأفكار تتغير بسرعة في العصر الحديث بتغير الموضات والمدارس والتيارات الأدبية والفلسفية ، فإن المعاني في الآثار العربية الكلاسيكية مهما كانت مبتذلة ومكررة فإنها ما تزال تحافظ على مصداقيتها ومطلقيتها المعرفية والثقافية،وفي هذا يقول كيليطو:" أما في العصر الكلاسيكي فإن المعنى كان يعتبر مطلقا ويمتاز بالعمومية أي إننا نجده في جميع العصور، وهذا ما يفسر إيجابيته. نجد عند كل شاعر تشبيه الكريم بالبحر والمرأة بغصن البان.. ".11
السعيد موفقي