أيها السجين عليك بالإكثار من الدعاء بصدق .. ولن يخيب الله رجائك :
أيها السجين عليك بالإكثار من الدعاء بصدق .. ولن يخيب الله رجائك :
روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي سعيد البقال قال : كنت محبوساً في ديماسِ الحجاج .. ومعنا إبراهيم التميمي .. فبات في السجن .. فقلت : يا أبا أسماء ! في أي شيءٍ حُبست ؟
قال : جاء العريف فتبرَّأ مني وقال : إن هذا يكثر الصلاة والصوم .. فأخاف أن يكون يرى رأي الخوارج .. قال : والله إنا لنتحدث عند مغيب الشمس .. إذا نحن برجلٍ قد دخل علينا السجن ..
فقلنا : يا عبدالله ! ما قصَّتُك ؟ .. وما أمرك ؟..
قال : لا والله ما أدري .. ولكني أظنُّ أُخذت في رأي الخوارج .. ووالله إنه لرأيٌ ما رأيته ولا هويتهُ . ولا أحببتُ أهله .. يا هؤلاء ! ادعوا إليَّ بوضوء .. قال : فدعونا له بماءٍ فتوضأ . ثم قام فصلى أربع ركعاتٍ فقال : اللهم إنك تعلم أني على إساءتي وظلمي وإسرافي أني لم أجعل لك والداً ولا نداً ولا صاحبةً ولا كُفُوراً .. فإن تعذب فعبدك .. وإن تغفر فإنك أنت العزيز الحكيم ..
اللهم إني أسألك يا من لا يغلطُه المسائل .. ويا من لا يشغله سمعٌ من سمعٍ .. ويا من لا يُبرمه إلحاحُ الملحين أن تجعل لي في ساعتي هذه فرجاً ومخرجاً .. من حيث أحتسب .. ومن حيث لا أحتسب .. ومن حيث أعلم .. ومن حيث لا أعلم .. ومن حيث أرجو .. ومن حيث لا أرجو .. وخذ لي بقلب عبدك الحجاج وسمعه وبصره ولسانه ويده ورجله .. حتى تخرجني في ساعتي هذه .. فإن قلبه وناصيته في يدك .. أي ربِّ ! أي ربِّ ! أي ربِّ ! ..
قال : فأكثر والله الذي لا إله غيره .. فما قطع دعاءه إذ ضُرب باب السجن : أين فلان ؟ .. فقام صاحبنا فقال : يا هؤلاء .. إن تكن العافية فوالله لا أدع الدعاء ... وإن تكن الأخرى فجمع الله بيني وبينكم في رحمته .. قال : فبلغنا من غدٍ أنه خُلي عنه ..
ولربَّ نازلة يضيق بها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت وكان يظنها لا تفرجُ
لا تيأسنَّ فكلُّ عسرٍ بعده
يسرٌ يُسرُّ به الفؤاد المحرجُ
من كتاب " أخي السجين معا نصنع النجاح " .