إذا سجنت فهذا لا يعني نهاية العالم ولا نهاية الطريق :
إذا سجنت فهذا لا يعني نهاية العالم ولا نهاية الطريق :
لا تنظر – أخي – إلى سجنك على أنه موطنك الذي لابدَّ أن تأوي إليه ، وترجع إليه مهما تغربت عنه ؛ بل انظر إليه على أنه محطة عابرة نزلت فيها عن طريق الخطأ ، ولا يمكن أن تعود إليها مرة أخرى ، فإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .
ولا تنظر إلى سجنك على أنه أعظم المصائب التي لا يمكن الصبر عليها ، ولكن انظر إلى ما أصيب به غيرك ، فستجد أن مصيبتك تمثل نقطة في بحرٍ بالنسبة لما أصيب به هؤلاء ..
أنت الآن في السجن .. ولكنك معافي في صحة جيدة ، سليم الجوارح والأعضاء .. وسوف تخرج إن شاء الله قريباً ...
فكيف بك لو كنت مشلولاً لا تغادر كرسيّك المتحرك .. كيف لو أصبت في حادث فبترت أعضاؤك .. كيف لو أصبت بالأمراض الخبيثة التي لا يُرجى معها الشفاء ؟! كيف لو كان سجنك مدى الحياة ؟ .. كيف لو كنت ممن حكم عليهم بالقتل قصاصاً أو تعزيراً ..
إذا استشعرت ذلك – أخي – فسوف تهون عليك مصيبتك ، وتسهل عليك بليتك ، وترضى عن ربك فيما قضى عليك وقدّر .
قال ابن الجوزي : (( من نزلت به بلية فأراد تمحيقها ؛ فليتصورها أكبر مما هي عليه تهن . وليتخايل ثوابها ، وليتوهم نزول أعظم منها ، ير الربح في الاقتصار عليها . وليتلمح سرعة زوالها ، فإنه لولا كربُ الشدة ما رجيت ساعة الراحة . وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف ، فليتفقَّد حوائجه في كل لحظة ، فيا سرعة انقضاء مقامه ! ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل ووصف المضيف بالكرم ! .
فكذلك المؤمن في الشدة ، ينبغي أن يراعي الساعات ، ويتفقد فيها أحوال النفس ، ويتلمح الجوارح ؛ مخافة أن يبدو من اللسان كلمة ، أو من القلب تسخّط ، فكأنْ قد لاح فجر الأجر ، فانجاب ليلُ البلاء ، ومُدح الساري بقطع الدجى ، فما طلعت شمس الجزاء ، إلا وقد وصل إلى منزل السلامة )) .
من كتاب " أخي السجين معا نصنع النجاح " .