قال عملاق وقد صدمته كلمة سيدي الملك : اعتبرني فاقد الذاكرة لبعض الوقت وقل لي من أنا وكيف أتيت هنا ومن عائلتي وفي أي البلاد أنا ؟
قال حكيم : أنت الملك عملاق الدين سلطان مملكة كشمير أعظم ممالك العالم وأقواها عدة وعتاد ومنعة وقد ورثت عرش تلك البلاد من من ملك ظالم أضاع البلاد وافقرها رغم ما رزقها الله من سبل الكسب الوفير .
قال عملاق : يا حكيم .. ابحث لي عن منزل فيما حولنا ويكون متواضع بدون مظاهر لا داعي لها .
قال حكيم : لمن يا سيدي ؟
قال عملاق : ستعلم حينها .
فذهب حكيم وأخذ بعض الجنود وغاب بعض الوقت يبحث عن بيت بوصف السلطان عملاق ووجد مطلبه وهو بيت على أطراف البلدة متواضع جدا وبه بعض الغرف وحظيرة للخيول والدواب .
فأتي حكيم إلى السلطان مستبشرا وقال : وجدت طلبك يا سيدي .
فقال عملاق لحكيم : هل لي مال خاص يا حكيم بعيدا عن بيت المال وبعيدا عن أموال المسلمين ؟
قال نعم يا سيدي لك مال من ميراثك من أمك رحمها الله وهو وديعة أودعتها والدتك عندي حتى تطلبها.
قال عملاق : فأتني به وخذ منه ثمن البيت واعطه لصاحبه وضع فيه بعض الأغراض التي تصلح للمعيشة .
فلبى حكيم وهو يتعجب لمن هذا البيت ؟!! .
وبعد أن عاد حكيم وجد الكثير من أغنياء الدولة مجتمعين في قصر السلطان عملاق قد أوكل لقائد حرس القصر بجمعهم .
فقال حكيم موجها حديثه للأعيان : إذا قلت لكم أني أبيع القصر هذا بما فيه فمن منكم يشتريه ؟
فنظر الأعيان بعضهم لبعض بارتباك وخجل فعاجلهم بقوله إن لم تشتروا أنتم القصر فسوف أبيعه لغيركم فما قولكم ؟
فتحدث أحدهم وعرض مبلغ كبير فزاد الآخر والثالث والرابع حتى توقف الجميع عن المزايدة بعد أن وصل بهم لثمن جيد يستفاد منه فقراء المسلمين وكتب السلطان عملاق صك البيع للمشتري وقال لحكيم ، خذ المال من الرجل وضعه في بيت مال المسلمين فلم يعد لنا حاجة إلى دنياكم .
وذهب السلطان عملاق للمنزل الذي اشتراه من ماله الخاص وبدأ تسيير أمور الدولة منه .
فطلب حضور جميع الوزراء وقادة الجند ليقدم كل منهم تقريرا عن المكان الذي يديره حتى يعلم عملاق أي الأمور أعجل من الأخرى لكي يقضيها أولا .
فوجد قضية لفتت انتباهه إذا مكتوب فيها أن السرقات زادت في البلاد في الفترة الأخيرة وانتشرت العصابات الإجرامية فذهبت عينه إلى حكيم وقال له : كيف حال الناس يا حكيم ؟
قال له : في سوء يا مولاي .
قال : وأين العلماء وما سبب سوء حال الناس ؟
قال : الفقر يا مولاي ... والعلماء في السجون وبعضهم قتله الملك السابق "عتمة" .
قال عملاق : أخرج كل العلماء من السجون ثم اذهب بهم لبيت المال وأكرمهم وأطعمهم وأفرض لكل منهم راتب من بيت المال يكفيهم حاجة الناس وأتني بهم في الموكب الذي كان يمر به الملك الظالم "عتمة" ليراهم الناس في مكانه فإن الأمة التي يهان فيها العالم الصالح لا خير فيها ابدا .
ثم سأل عملاق الدين السيد حكيم وقال له : ألا يعمل الفقراء ؟
قال : الأعمال شحيحة بسبب إحتكار التجار للأراضي الزراعية والصيد واعتمادهم على رجالهم فقط في قضاء أعمالهم والجهاد توقف فقلت الأرزاق .
قال عملاق : خذ ما حصلناه اليوم من بيع القصر والجواهر والممتلكات التي كانت به وأعطها للفقراء في كل البلاد كل منهم على قدر احتياجه .
فذهب حكيم ليقضي الأمر وتابع عملاق قراءة باقي أخبار السلطنة ليرى كيف يعالجها حسب الأولويات
وعاد حكيم بعد وقت وعند اقترابه من بيت السلطان وجد في الفناء شيئا عجيبا أول مرة يراه في السلطنة بل أول مرة يراه في حياته.
يتبع ......فانتظرونا
.
.
تأليف : محمد الفاتح .
#عملاق_الدين_2