أحمد ديدات ، و خطاب التبليغ الإسلامي العالمي
أحمد ديدات ، و خطاب التبليغ الإسلامي العالمي
لمع فجأة اسم هذا الداعية المتمكن القدير ، واستطاع بقدرته البيانية واطلاعه الواسع أن يهزّ المنابر ويُبهر المجامع ، وعرف بعدد من المناظرات الشهيرة ، والحوارات المثيرة ، وهو مواطن من جنوب إفريقية ، من أصل هندي لمع في سماء العالم الإسلامي والغربي من خلال منهجه المتفرد في الدعوة إلى الله ، مجدداً منهج المناظرة والجدل والحوار الذي عرف به عدد ليس بقليل من الدعاة المسلمين على مدى العصور .
يقول : هذه الصحوة الإسلامية التي بدأت تنتظم العالم الإسلامي قد أرهبت الغرب ، ولكي يقلل من شأنها بدأ يطلق عليها أسماء تخيف الناس : كالتطرف والتعصب وغير ذلك من الأسماء ، وهذه دعاية غربية تساندها مؤسسات التبشير لتقلل من شأن الحركات الإسلامية ، وهذه هي استراتجيتهم الجديدة التي يتبعونها لمحاربة الإسلام شأنهم ذاته كما كان في الماضي ، إذ كانوا يقولون : إن الإسلام دين خاطئ ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رجل شهواني – حاشاه وحاشاه – تزوج عدة نساء ، وعندها لم تجد تلك الادعاءات تقبلاً واسعاً استبدلوها بهذه الاستراتيجية الجديدة لتشويه الإسلام ، وعلى ضوء هذه الحرب النفسية فإن العالم الغربي النصراني مصمم على تنصير العالم الإسلامي ، ويعدّ لذلك خططاً مركزة لتنصير المسلمين في العالم ، والدلائل على ذلك أكثر من أن يحصيها العد ، فالآن يتفرغ لنا المنصرون بالملايين حيت يتوزعون حول العالم لتنصير المسلمين ، وهم يقرعون أبوابنا في بلادنا فلم تسلم من هذا القرع دولة من الدول ، فقد تنصر 15 مليون أندونيسي ، وهم يفتخرون بأنهم استطاعوا تنصير المسلمين الباكستانيين ، والبنغاليين الآن أكثر من أيام الاستعمار البريطاني ، وهناك الآن مئات الألوف متفرغون للتنصير في إفريقيا .
هذه هي الصورة كما يراها الداعية أحمد ديدات ، فإذا سئل عن خطة العمل في ظل هذا الواقع العصيب قال : " إنه أحد موقفين : إما أن نجتهد وأن ندعو الناس إلى الإسلام وأن نتمسك بإسلامنا أو أن نقف مكتوفي الأيدي كما هو الآن ليحولونا إلى النصرانية ونحن أصحاب الحق والدين الذي يجب أن يظهر وينتشر ، والذي أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، فإذا قصرنا في ذلك فإن الله قد توعدنا بأنه سيبدلنا بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين .
فقد تركنا المجال للدعوات النصرانية وغيرها تنتشر بكل أساليب الدعاية والإعلام واستغلال إمكانات الصحافة والإذاعة والتليفزيون وغيرها ، ولهذا يجب أن نغير هذا الواقع وأن ندافع عن ديننا وأن ننشره بذكاء وحكمة .
إننا نؤمن بأنه لا إكراه في الدين ولكن يجب الإظهار والدعوة باللسان والعقل ، بالذكاء والحنكة ، وهذا ما توقفنا عن عمله منذ قرون ، وأصبحنا نقول : بأن لكل أمة دينها " .
* * *
ويدعونا الشيخ أحمد ديدات إلى أن ننفق في سبيل تقديم الإسلام إلى الناس وقد أعطانا تلك الأموال الطائلة ، وقد توعد الله تبارك وتعالى الذي لا ينفقون في سبيل الله ، والله تبارك وتعالى أخبرنا عن سر النجاح ، وفي القرآن قدم لنا المعادلة ولكننا نأخذ بأجزاء من الدين ونجعلها ديناً وحدها ، والله يحدد سر النجاح في هذه الأمة بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) [ سورة الشورى : 38 ] . فالإيمان والصلاة والشورى والإنفاق سر النجاح ، ومطلوب أن يكون لنا صحف توضح للأمة طريق الخلاص ، وتجنبها مهالك الطريق وتنفق ممَّا رزقنا من أموالنا وأوقاتنا وطاقاتنا في سبيل الله استجابة لأمر الله ، ثم بعد ذلك نكون من الناجحين ، ونسأل ماذا فعلت مؤسساتنا المتخصة للدعوة .
أين الدعوة المهمة الأصيلة للمسلم من مائة ألف صحابي حضروا حجة الوداع لم يدفن في المدينة إلا عشرة آلاف ، أين ذهب الباقون ، لقد فهموا معاني الشهادة والتبليغ للرسالة ، وانطلقوا في الآفاق يمتطون خيولهم وجمالهم ينشرون كلمة الله ويبلغونها للعالمين ، أدركوا رسالتهم للعالم ، ولم يكتفوا بالجلوس في بُيُوتهم ومساجدهم يقيمون نصف الدين ويتركون النصف الاخر .
إن المسلم يملك هذا الدين . ويملك البرهان وعليه أن يصحو ويعلم أنه يملك ( جرافة ) منحها إياه الله تحطم كل الصخور ، صخور الأصنام والجاهلية ، هي هذا الدين فعليه استخدامها لنيل العزة ، ولكن تصرفاتنا تدل على ألا عزة لنا في هذا العالم مع أن أصل العزة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين .
* * *
ويحذرنا الشيخ ديدات من مسألة الابتعاث إلى الخارج ، حيث نقوم بقذف أبنائنا أمام أنياب الأسد دون أن نحذرهم من مكامن الخطر ، فالمنصّرون الصليبيون يحبون أن يرونا هناك لكي يسممونا ويعملوا لنا غسيل مخ ويوجهونا كما يريدون ، فأبناؤنا الذين نقذف بهم في بلاد الغرب يجب أن نعدهم ليكونوا سفراء لبلادهم ودعاة لدينهم .
فالمنصرون الذين يبعثون بأطبائهم ومهندسيهم ومعلميهم ليعملوا هناك وينشرون النصرانية وهم يكسبون ، وفي نفس الوقت يؤدون مهمتهم . وكذلك أنت أيها المسلم عندما تذهب للتجارة أو السياحة او التعليم في الغرب يجب ألا تنسى دورك وواجبك الأهم وهو تبليغ هذا الدين ؛ فإن أجدادك العرب قد فعلوا ذلك عندها ذهبوا إلى التجارة ونشروا الدين ، لذلك نجد أن أكثر من 90 % من المسلمين من غير العرب ، فأجدادك قد أدوا دورهم بينما أنت لا تستطيع أن تحافظ على نفسك وعلى أبنائك ، فإما أن تجاهد في هذه المعركة وتقف في وجه هذه القوى ، أو أن تقبع مكانك وتنهزم وتنعدم ويستبدل قوماً غيرهم .
ويقول الشيخ ديدات : علينا أن نحافظ على أولادنا الذين يسرقهم المبشرون والمنصرون ، إنهم يسرقون أطفالنا ، أمام كل شخص يتحول إلى الإسلام ، فهم يكسبون سبعة اشخاص في أفريقيا ، وكذلك في أندونيسيا ، وبينما نرى المبشرين يندفعون في نطاق واحد لنشر دينهم والتضحية بحياة الترف والبذخ والعيش في أدغال أفريقيا والصحارى الحارقة لا يفعل المسلمون ذلك .
قلما نسمع من يدعوننا إلى الانطلاق للدعوة إلى الله في بقاع العالم ، إنهم يحدثوننا عن الصلاة والزكاة فحسب .
إن الجهاد في سبيل الله تعالى فرض واجب ، قال تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ... ) [ سورة الحج : 78 ] .
فهو الذي اختاركم واصطفاكم لهذه المهمة ، وآيات الجهاد لا تزال موجودة في القرآن ولكننا لا نسمعها على المنابر ، فأمر الجهاد أمر يقوم عليه الدين كله .
إن مهمة التبشير واحتواء أبناءكم مهمة سهلة ، فأنتم ترسلون أبناءكم إلى الغرب وهم يستغلونهم هناك ويقيمون لهم حفلات استقبال وتعارف وهم ينتظرونهم بفارغ الصبر ، فإذا وقعوا في أيديهم فلن يفلتوا .
عجيب لأولئك المسلمين كيف يسمحون للمنصّرين بالدخول إلى بيوتهم فيتمتع المنصرون بكرمهم على الرغم من أنهم يهاجمون الإسلام .
لقد بهر أحمد ديدات العالم بقوة حججه المنطقية في دحض الافتراءات على الإسلام من جانب أعدائه بدءاً من الملحدين حتى المنصرين ، وابتكر المناظرات كسلاح أفريقي في مواجهة التنصير الذي ترصد له اليوم أموال طائلة ، وأجهزة جديدة للعمل في إفريقيا حيث الفقر بعد موجات الجفاف التي تعرضت لها البلاد الإفريقية ، فانتهز المنصرون هذه الفرصة ليقدموا الطعام مغلفاً بالتنصير .
يقول : ولدت في الهند وانتقلت إلى جنوب إفريقيا ، ولما وجدت محاولات إثناء بعض المسلمين عن عقيدتهم اتجهت إلى دراسة القرآن الكريم والكتاب المقدس وبدأت في مناقشة بعض المهتمين ، وتحولت المناقشات إلى مناظرات من أجل تعليم المسلمين في جنوب إفريقيا حقائق دينهم حتى لا يغرر بهم أحد .
* * *
وهكذا نشأت المناظرة كسلاح إفريقي في مواجهة التنصير ، فمنذ وقت طويل وأنا أعد نفسي لهذه المهمة ، ولما تمكنت من أدواتي أردت كشف زيف هذه المغالطات التي روجها المنصرون على نطاق واسع في إفريقيا ، ومن ناحية أخرى فأنا أعتبر المناظرة استمراراً لأداء رسالتي في الدعوة إلى دين الله تبارك وتعالى .
إن القاعدة الأساسية للحوار مقدماً هي البرهان والدليل مصداقاً لقوله تعالى : ( ... قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ... ) [ سورة البقرة : 111 ] ، ومن ثم يجب أن نطلب الدليل ، والحجة على المخالفين للدين ، فإذا تحقق هذان الشرطان نستطيع أن نقدم الدعوة في إطارها الصحيح .
وفي مجال الدعوة في عالمنا الإسلامي يجب أن نبدأ من القرآن الكريم والسنة النبوية فهما الأساس والأصل الثابت لديننا .
والحقيقة أن المسلمين قد اتبعوا الطريق الصحيح ؛ لأن الله تبارك وتعالى قد خلق المسلمين للدعوة الإنسانية ، وعندما نسوا دورهم ضاع منهم هدف وجودهم ، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فتقدمنا ورقيُّنا مرهون بدعوتنا كما أوضح القرآن الكريم : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... ) [ سورة آل عمران : 110 ] .
ماذا علينا لو تركنا هذا التغيير الكبير ( الوحدة ) واتجهنا إلى القرآن الكريم نقرؤه ونتدبر معانيه ونطبقه على أنفسنا ، وفي علاقاتنا ، عندئذ ستحدث الوحدة بشكل تلقائي ، وسوف تتوحد أفكارنا ومفاهيمنا وغاياتنا .
من كتاب : أحمد ديدات هذه حياتي سيرتي و مسيرتي / أشرف الوحش .